من أنا

صورتي
لبناني الأصل مغترب في إيطاليا منذ أواخر سـنة 1989

الأحد، 20 أبريل 2008

تهت

هذه الليلة تهت ...
كم فككت لي وصالي
أفنيت هدوئي السـاذج
وزرعت في إعصـارك المجوسي ...
وزعّـتني شـتلا مفككة ...
كأسـطورة
زرعتني كل شـائبة في زاوية من زوايا الأرض
لا أصل يعرّفني ...
ولا مكان

كم غنّت لي أركاني الأولى
وزوايا المسـاجد كم إسـتعطفت بإسـمي
أنا الممحي...
المنسـي...
لي زماني
وللزمان هلال ...
ليس منّي...
فليس للركن معالم أعرفها ...
ولا اللحن المنشـد مما يخالج عواطفي
ولا الرائحة العفنة ...
ليسـت ما إعتاد أنفي...

أنت آنفة ...
والبقايا مذريات
وأنا علامة الإسـتفهام الأشـد...
والركن المتصلّب في كل تاريخنا ...
أنا الإرتجال ...
وأنا العفرة المذرية دون سـتار
وأنا الآلام المباحة ...
أنا ...
ما أنا إلا تعجّب ثقيل الظل
وبارقة قاتمة البيارق ...
ما أنا إلا إسـتسـلام آخر ...
وتراجع مدروس
ووحشـيّة متّقنة التصنّع
أنا الوحدة المتفرّدة في التمادي ...
أنا الجنون المدرك الحس
وأنا العاقل ...
الأبله ...
الخالي من الإحسـاس

وأنت ...
بارقة فانية أنت
أنت الهلال المرغوب
والآلهة المعبودة عنوة واسـتجمام
أنت الطرف الأغر في الدنيا
والجزيرة المنسـية ذا الكنوز
والمنزل المهجور إلى أوان النوم
أنا الجوع وأنت خيال التخمة
في الطعام المتبقي
من موائد العالم الأول
أنت صورة الركائز
في تزعزع كل تصلباتنا
واختلاج الروح...
والأغنية المنشـودة...
والنشـوة...
والريح

أنت الفراشـات
وقهر الضعف...
والقوة المتمناة
أنت الفرار ...
المقت ...
الإسـتسـلام...
والموت في زمن القرار
أنت الحاجة المبتذلة...
وأنت هجران المقاعد الأولى
والتفاني في عرض رجولتنا
وبلوغنا القسـري
في زمن غلبت فيه النسـاء
قصورنا المحتوم...

كم أنت جميلة...
والرب منذ غنـّاك...
زرع الغيرة وكل المجون...
وفاءا للأمسـيات
ونحن إذ نبغي ...
إلا بلوغ الكمال لديه
منك أنت
ونحن إذ نبكي...
ننسـى تحن..
من نحن...
ما نحن ألا تكملة للدور المسـلوب
وللحاجة الغنـّاء...

وأنت...
في بلادي ...
تغني لك الريح في المروج والزهور
وكل الصباحات الجلية...
ونحن ...
في بلادي نسـينا وجودك
لغلابتنا وصورتنا البشـعة
ولتفردنا بالقرار المكتمل التصنّع
في بلادي...
كم أرغبك في بلادي
في زوايا الدار...
والأقبية الصغيرة...
في أركان الطرقات...
واسـتقرار القمرفوق السـاحات عند السـحر...
كم أرغب لك الصلاة
لأجلي...
لأجل كل الهناءات ووضاعة المنى عند إلتقائنا
وبسـمة العينين والفرحة المنتسـية
كم أرغبك...
في مسـاري الطويل
في قسـوة الأيام
ووحشـة الممر...

كم أرغب لقياك
في أوج رغبتي تتجلى كالبرق في ليل قاتم
دون الحلم
ودون وجودي القصري
وصوتي المسـلوب حتى الرمق
في غيبة القرار...
كم أرغب تقبيل يديك
فالشـكر لا يكفي
لسـتر عجزي
أو لرسـم صورة مسـيح آخر
أحبك ولا أجرؤ على تلفـّظها
يقتنيها القلب كالمحرمات العشـر
واحدة
لا شـك فيها
أنت الخلاص
وحدك الملاذ...
وحدك نافذة الروح...
والحائط الرملي...
والسـراب الملموس...
كسـتارة سـنين العمرالرثـّة...
كالحلم الآخر...
وبهجة الأطفال

يا ودودتي...
تراك تنظرين عيناي...
حين يتلاعب عنوة عني دخانك الأبيض
بأفئدة العيون...
ويشـعلني غيرة واحتقان...
بينما عجزي المزعوم... يمنع عني فصاحة الكلام
لإعلان رغبتي للعلن...
للناس...
لك...
لي...

في نعاسـي المتربص
أتبصر في أحلامي الأولى
سـنحة الأطفال...
في شـوارع بيروت...
ومرة أخرى...
أعجز في رسـم الوهلات
والخوف المتبادر والوجوم...
أعجز حتى في رسـم معالم الحي
والملاعب المداسـة...
بأقدام الرعب الهمجي...
وأراوح
في شـوقي لهم...
لكل ما يملكون...
لأصوات البنادق المشـتعلة...
تقتل وتمزّق صدور مدينتي الأشـلاء
وأماكن حبـّي الأولى
والربيع الداكن في إحمراره...
في إبتهالات أمي والدعاءات
في نظرات الود...
لكل من فارقت
أو فاتني وحدي...

في نعاسـي المحتوم...
كم أخاف النوم...
لئلا أنسـى...
أماكني الأخرى
لئلا تفر مني...
كل الوداعات
وأغنيات العفة...
لئلا أفقد...
رغبتي في النوم...

كم أحيا لدنياك...
وكم أحيا لأجلك...
وأنت كما أنت
همجية أنت
حبك البدائي...
جمال كل الدنيا
ملاذ للهلاك وهروب للسـقم...
داخل جوفي المصلوب
في ركن هدوئك
واسـتحباب عينيك
وسـحر إحتضاناتك المكتملة

كم أنت بهية...
يا امرأتي
تتأتى كل الشـجون
تتلبس كل عواطفي الملهاة بك
الراغبة في تلبـّسـك المحموم
في إنتشـاري وتبعثري
حتى حدودك كلها
ببطء وشـدّة...


14-09-1990

هناك تعليق واحد:

Shaima'a Alkandari يقول...

ومن لايتوه بهذه الحروف التي تتلبسنا معانيها

قمه بالابداع المتواصل فشكرا لكل نبض نبضته هنا